ثوار العالم - منتدى الثائرين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنهج الإسلامي لدراسة التاريخ

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

المنهج الإسلامي لدراسة التاريخ Empty المنهج الإسلامي لدراسة التاريخ

مُساهمة من طرف hussain1 الخميس أغسطس 07, 2008 7:14 am

المنهج الإسلامي لدراسة التاريخ

للتاريخ في حياة كلِّ أمّة، تريد أن تتقدمّ وتنطلق في الركب الحضاري الصاعد، دور حيويّ في نموّها وتطوّرها، كونه يجنّبها كثيراً من المزالق والمخاطر والأخطاء، بما يقدّمه لها من تجاربها الماضية في مراحل نموها الأولى، وما تحمله _ تلك التجارب _ من دروس عملية كثيرة، تستطيع بها أن تضع يديها _ بوعي _ على مواطن الضعف ومواطن القوة في شخصيتها التي عاشتها في تلك الأدوار. وهناك يكون الطريق أكثر إشراقاً، وأرحب آفاقاً مما لو انطلقت فيه على غير هدى التاريخ.

أما إذا انعكست القضية، فحاولت أن تحتقر تاريخها، وترفضه ولا تنظر إليه إلاّ كما تنظر إلى الآثار البالية، وانطلقت، بروح انفعالية حماسيّة تحاول التمرّد عليه والتحرّر منه، والتحوّل إلى حاضرها، لتجعل منه مبدأ نموها ومنطلق حياتها، فإنها _ لا شك _ ستتعرى وتفقد شخصيتها الأصيلة، لفقدانها الركيزة التي ارتكزت عليها حياتها، والمنطلق الذي انطلقت منه. وبذلك فهي لا تملك _ حينئذٍ _ إلاّ التذبذب والاتّكاء على تجارب الآخرين، وتناول فتات موائدهم.

ولا يجهل أحد بعد هذا ما في ذلك من ضياعٍ وانهيارٍ لكيانها وشخصيتها الأصلية.

على ضوء هذه الفكرة، نحاولُ الانطلاقَ إلى تاريخنا، فندرسه من خلال وجودنا الإسلامي، كأمّة إسلامية واعية أنشأت حضارةَ عظيمةَ تعتبر أم الحضارات الحديثة.

إننا نحاول الانطلاق إلى هذا التاريخ، لنقرأه على هديٍ من وعيٍ وعمق ومعرفة في هذه المرحلة التي نحاول فيها العودة إلى الشّوط من جديد _ بعد أن غبنا عنه مدة طويلة _ لنحمل مشعل الكرامة والعدالة الإنسانية في رسالة السّماء إلى الأرض.

وليست تلك المحاولة التي ندعو إليها مجرّد ترفٍ ذهني، ودراسة مجردة، وإنما هي ضرورة حتمية، وواجب حيوي لمرحلتنا الحاضرة، بل نستطيع القول إنّه من أبرز الواجبات الملقاة على عاتق المسؤولين عن قضية الإسلام، بالنظر إلى أنّه سجّل للمعركة التي خاضها الإسلام ضد خصومه وأعدائه، وقد علق به، ما علق بكثير من مفاهيم الإسلام، من شوائب وألوان دخيلة بسبب ما حلَّ بالمسلمين من ارتباك واضطراب.

ولذلك فقد وصل إلينا وهو يجر خطواته في وهنٍ وضعف، حاملاً أثقال الفترة المظلمة، والعهود السّود.

وهذا ما ساعد كثيراً من متفلسفي التاريخ، على تلوينه بالألوان الكثيرة المختلفة، حسب اختلاف لون التفكير الذي يعيشه أولئك المفكرون، فأصبحنا نقرأ الأسلوب المادي للتاريخ الذي يحاول أن يفلسف تاريخنا على أساس من الاقتصاد فحسب، كما بدأنا نسمع عن كثيرٍ من الحركات والدعوات الاشتراكية في تاريخنا، وعن دور الصّحابي الجليل أبي ذرّ الغفارى فيها، وعن ثورة صاحب الزّنج التقدمية، وغير ذلك من الألوان التي انتشرت في البحوث التاريخية التي تتناول تاريخنا بالدرس، بأسلوب بعيد عن الجو الإسلامي وواقعه.

وهذا ما يجعلنا نتساءل عمَّا يجب علينا عمله إزاء هذا الموقع الذي يعيشه تاريخنا في عصرنا الحاضر، لنستطيع أن نقدّمه إلى الجيل المسلم الواعي في إطاره الإسلامي الخالص، بعيداً عن المفاهيم الغريبة عنه، ليعيش جيلنا الصاعد في جوٍّ إسلامي نقي، كسبيل من سبل المحافظة على شخصيتنا الإسلامية المستقلّة.

ملاحظات أوَّلية

1 – ويبدو لنا أن علينا _ قبل كلِّ شيء _ أن نتخلّى عن الهالة القدسيّة _ باستثناء ما ثبت من سيرة الرسول (ص) والمعصومين (ع) _ التي نحاول أن نحيط بها هذا التاريخ بكل ما فيه من انحرافات وأخطاء، لأننا لن نحصل على فائدة من دراستنا له بدون ذلك، بل القضية تكون عكسية، لأن هذا الأسلوب يؤدي إلى تقديس الأخطاء، وفي هذا ما فيه من الانحراف عن الغاية التي نسعى إليها، والهدف الذي نهدف إليه.

إنَّ تاريخنا _ ككلِّ تاريخ _ كان حصيلة أدوارٍ مختلفة من حياة الأمة بين ارتفاع وانخفاض، فهو الصورة التي تنعكس عليها الحياة بما فيها من ارتباكات، فإذا أردنا أن نفهمه على أساس واقعي، فيجب علينا تعريته عن كل لون من ألوان الخيال والدعاية والزّهو، وملاحظته كمادةٍ خام لدراسة عملية واقعية عميقة.

2 – وشيء آخر يلزمنا ملاحظته عند دراستنا لهذا التاريخ، هو أن كثيراً من القضايا والملابسات، التي حدثت في الصدر الأول في الإسلام والانقسامات التي ابتلي بها المسلمون، أثّرت على سير هذا التاريخ في عصر الرسالة، لأن تلك القضايا خلقت عندنا كثيراً من المؤرّخين والمرتزقة، الذين كانوا يعيشون على موائد الملوك، ليخلقوا لهم المآثر والفضائل والأحاديث، ويصوّروها بصورة جذابة تلفت الأنظار في أيِّ موضوع شاؤوا وأرادوا، حسب الحاجة السياسية والشخصية.

ولذلك، فلن نستغرب إذا قرأنا كثيراً من الوقائع التاريخية في صورتين متناقضتين، تعكسان الانقسامات الموجودة بين المسلمين، وتبرز كل منهما الواقعة التاريخية على ضوءٍ من اتجاهاتها وغاياتها، تماماً كما يحدث في عصرنا الحاضر عندما تتضارب الصحف السياسية في تصوير بعض القضايا التي نعيشها بأنفسنا نتيجة تضارب الرأي أو الاتجاه الذي تمثله هذه الصّحيفة أو تلك.

إن على الباحث الإسلامي أن يراعي هذا الواقع الذي عاش فيه التاريخ الإسلامي، ليسير في بحثه بهدوء وحذر ويقظة متناهية، لئلاّ يقع في الخطأ من حيث لا يعلم، وينحرف عن الدرب من حيث لا يريد.

3- وناحية ثالثة يلزمنا الانتباه إليها وتأكيد شجبها، لأنها تمس جوهر الإسلام في الصّميم، فقد دأب كثير من الباحثين، ولا سيما المستشرقين منهم، على اعتبار كثير من التصرفات _ التي تقوم بها الجماعات التي تدين بالإسلام _ ممثّلة لوجهة النظر الإسلامية، مهما كان لون تلك التصرفات ومهما كان نوعها. وهذا خطأ، فإن الجماعات الإسلامية والمسؤولين المسلمين _ الذين عاشوا في التاريخ الإسلامي _ ليسوا إلاّ أناساً كبقية الناس، لهم أخلاقهم الخاصة، ولهم طبائعهم وأذواقهم المعينة، ولهم أخطاؤهم البشرية كبقية البشر، وليست تصرفاتهم إلا كتصرفات بقية إخوانهم من بني الإنسان، وليس لها علاقة بالإسلام إلا بمقدار قربها من مبادىء الإسلام ومفاهيمه. ولهذا فإننا لا نستطيع اعتبار أي تصرف من تصرفات المسلمين _ باستثناء المعصومين (ع) _ مرتبطاً بالإسلام، إلا بعد مقارنته بالمفاهيم والمبادىء الإسلامية، لنعلم مدى موافقته لها.

إنَّ مبادىء الإسلام ومفاهيمه هي المقياس الصحيح الذي نقيس به تصرّفات المسلمين، لا العكس..

وهذه هي بعض النقاط التي حاولنا أن نعرضها _ بصورة إجمالية _ في سبيل الوصول إلى أفضل الطرق لدراسة تاريخنا الإسلامي بروحٍ علميةٍ عميقة، على ضوء من هدى الإسلام وأسلوبه.

البداية المطلوبة لدراسة التاريخ الإسلامي

علينا أن نقرأ تاريخنا من جديدة قراءةً واعيةً، تحاول أن تدرسه وتفلسفه وتتعرّف على جذوره الأصلية، ومعطياته الخصبة.

هذه هي القضية التي تواجهنا في طريقنا نحو العمل في بناء الحاضر الإسلامي، وتلحّ علينا بقوّة وإصرار لأنها تتصل بالمرحلة الأولية من مراحل العمل والبناء، وهي مرحلة الإعداد والتكوين؛ إعداد الخطط التي يسير عليها العمل، وتكوين الأسس والمبادىء العامة التي يرتكز عليها البناء.

أما كيف تتمثّل هذه القضية مرحلة البداية للعمل وكيف تساعد على إعداد الخطط وتكوين الأسس، فهذا ما نتعرّفه، إذا وعينا طبيعة المعرفة التاريخية التي تقدمها لنا دراسة التاريخ، وعلاقتها بالواقع الحياتي الذي نعايشه.

وفي سبيل الوصول إلى هذه النتيجة، علينا أن نفهم طبيعة المشكلات الحاضرة التي يتخبط فيها الواقع الإسلامي، انطلاقاً من المشاكل العقيدية التي تتمّثل في اختلاف المذاهب والمدارس الفكرية والإسلامية، في تفاصيل العقيدة وفروعها، وفي نوعية الطرق التي تصلنا بها، وتوصلنا إليها.

إنَّ المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، تتمّثل في التمزّق الداخلي والخارجي الذي يعيشه المسلمون في ظلِّ واقعهم العلمي المنهار المتمثل في تخلفهم الحضاري عن الركل العلمي، الأمر الذي جعلهم في عزلةٍ تامة عن الإسهام في عملية صنع التاريخ الحاضر.

ولن نستطيع التعرّف على طبيعة هذه المشاكل، وعلى الحلول العلمية التي نقدمها أمامنا لمعالجتها، وبالتالي، لن نصل إلى نتيجة ذات جدوى، إذا حاولنا الوقوف أمام المظاهر السطحية البارزة، من دون أن ننفذ إلى أبعد منها، لأن ذلك لن يهيىء لنا الوقوف أمام واقع المشكلة، وبالتالي لن يستطيع أن يخطو بنا خطوة واحدة نحو الحل الجذري الصحيح.

لذلك فلا بدّ لنا من النفاذ إلى الأعماق، لنتلمّس بأيدينا جذورها وأسبابها البعيدة والقريبة التي تمتد إليها هذه المشكلة أو تلك، لأن لكل مشكلة، وكل قضيةٍ، مؤثراتها وعللها، وجذورها الأصلية في حياة الأجيال السابقة، الأمر الذي يجعلنا _ ونحن في سبيل البحث _ نضع علامات استفهام عميقة أمام كلِّ مرحلة سابقة، وحول كل حركة من الحركات الثورية والإصلاحية التي عاشتها الأمة الإسلامية في الماضي، تتصل بطبيعة فكرها وتوجهاتها، من حيث هي إسلامية أو غير إسلامية، عن الجو الذي نشأت فيه ونمت في أرضه، من حيث هو ديني ينبع من واقع العقيدة الدينية، أو دنيوي ينطلق من المنافع والأطماع الذاتية العامة والخاصة، عن المؤثرات الداخلية والخارجية التي شاركت في نموها، وتطويرها، من حيث ارتباطها بالواقع الداخلي والخارجي لحياة المسلمين وعدمه، وعن نوعية النتائج التي حصلت من هذه الحركة أو تلك، من حيث اتّصالها بالمفاهيم والقيم الإسلامية وابتعادها عنها، وأخيراً عن مواطن النجاح، ومواطن الإخفاق من حيث تمثُل عناصر القوة التي دفعت إلى النجاح، ومعرفة عناصر الضعف التي أدَّت إلى الفشل والإخفاق، كسبيلٍ من سبل استفادتنا منها، ومدى إمكانية هذه الفائدة وعلاقتها بالمشاكل الآنية التي نعيشها، وارتباطها من قريب أو بعيد.

تلك هي علامات الاستفهام التي تواجهنا، ونحن ندرس التاريخ، في طريق التعرف على مشاكلنا الحاضرة.

وتلك هي الأسئلة، أو بعض الأسئلة التي يطالعنا في كثير من الأجوبة عليها، الوجه الحقيقي لطبيعة مشاكلنا الحاضرة.

وهذا هو أحد الأسباب التي تضطرنا إلى الوقوف وجهاً لوجه أمام التاريخ، لندرسه ونتعمّق في معطياته وآثاره، لأنّه لم يعد _ من خلال هذه النظرة _ مجرد تسجيل حرفي لقضية من قضايا الماضي، بل أصبح أداةً فاعلةً تسهم في عملية صنع الحاضر، وتؤثر فيه، بطبيعة ارتباطه بها وارتباطها به، تماماً كارتباط الشجرة بجذورها وعروقها الضاربة في أعماق الأرض.

اتّجاهات لفهم التّاريخ

وثمة ناحية أخرى تجعلنا على صلة وثيقة بالمعرفة التاريخية في مرحلتنا الفعلية، وتحتّم علينا إعادة النظر في تاريخنا من جديد، في سبيل التعرّف على القاعدة التي ينطلق منها، وعلى العوامل التي شاركت في وجوده ومدى علاقتها بهذا الوجود، وعلى علاقة هذا التاريخ بالإسلام، وعلاقة الإسلام به، وما الذي قدّمه الإسلام لهذا التاريخ، وماذا كان دور الإسلام في حركته الصاعدة، أكان تأثيره فيه كدين قدَّم للحياة مفاهيم جديدة شاملة للكون والحياة والإنسان فساعدها على أن تخطو هذه الخطوات الجبارة، أم أن تأثيره فيه، كحركة ساعدت على تغيير الواقع الاقتصادي للمجتمع الذي عاشت فيه، أو بالأحرى نشأت على أساس الواقع الاقتصادي لذلك المجتمع، ولذا فهي جزء من الحركة التاريخية الحتمية، التي تخضع للعامل الاقتصادي؟

أم ليس الأمر في هذا وذاك، وإنما القضية، أن الإسلام كان وليد الأمة التي عاش في أرضها، وربيب البيئة التي نشأ فيها وتأثر بها وأثَّر فيها، ولذا فإنه يحمل رسالة هذه الأمة وعبقرية هذه البيئة، ويمثِّل آمالها وآلامها أصدق تمثيل، وبهذا كان دور الإسلام في هذا التاريخ _ من خلال هذه النظرة _ هو دور الأمة التي كان الإسلام أصدق تعبير عنها، وأصفى مرآةٍ لروحيتها وتطلعها وظمئها إلى السموّ والإبداع؟

علينا أن نتعرف على كل هذا، لنتعرف على موقفنا من كل ذلك، فقد تعددت الاتجاهات النظرية في دراسة هذا التاريخ، واختلفت التيارات الفكرية في ذلك.

فقد حاول أتباع المادية التاريخية وضع قاعدة عامة للتاريخ ضمن الفلسفة المادية الشاملة في تعليل الكون والإنسان والتاريخ، والتي تُخضع كل التطورات التاريخية والحياتية للعامل الاقتصادي الذي يتمثّل في تطور وسائل الإنتاج، والذي يعيّن طبيعة العلاقات الاقتصادية في كل مرحلة من المراحل، التي تعيّن بدورها كل الأوضاع الفكرية والروحية والاجتماعية التي يعيشها المجتمع البشري بشكل عام. وهكذا يصبح التاريخ خاضعاً لحتمية هذا التطور _ الذي يزعمونه _ من دون أن يستطيع الفكاك عنه.

أما طبيعةُ ارتباط هذه النظرة بمعرفتنا التاريخية، فتتمثَّل في أنها تحاول إخضاع تاريخنا لهذا المنطق وفرض تلك المراحل الحتمية على هذا التاريخ، كما شاهدناه في بعض الدراسات التي حاول فيها بعض الباحثين الذين يتبنون هذه النظرة، أن يفسر التطورات الحياتية التي حدثت قبل الإسلام وبعده بالتفسير الذي ينسجم وهذه النظرية.

وهناك اتجاه آخر يعيش في نطاق التاريخ الإسلامي، فيحاول أن يجعل منه مرحلة من مراحل تاريخ أمة معينة أو شعب معين، حتى كأن في انطلاق هذا التاريخ في حياتها ما يبرر اعتباره تراثاً قومياً ينبع من طبيعة العوامل والمؤثرات القومية. وامتدّ هذا الاتجاه في هذا المجال حتى حاول أن يجعل من الإسلام مجداً من أمجاده القومية الخاصة، فقد كان وليد الأم العربية، لا رسالة إلهية تمتدّ من السماء، لتحتضن البشرية جمعاء في آلامها وآمالها..

وقد أصبح لكلٍّ من هذين الاتجاهين دراساتهما المعينة، ومناهجهما المحددة، حتى عاد القارىء العصري يلتقي بكل منهما في أكثر من كتاب وفي أكثر من محاضرة.

أما الاتجاه الثالث الذي يحاول أن يفسّر هذا التاريخ من خلال دور الإسلام فيه _ كدين _ فلا تجد له خطاً معيناً، ولا منهجاً محدداً، وإنما هي كلمات وآراء متناثرة تلتقطها من هنا وهناك، مما يكتبه بعض الكتّاب المسلمين، من حيث يقصدون ومن حيث لا يقصدون. إنها كلمات عابرة وآراء سريعة، ولذا فإنها لن تترك في نفس القارئ أي أثر لو التفت إليها، ولذا فلا تبدل في ذهنيته أي شيء.

وقد يبدو غريباً أن ندرس التاريخ من خلال تأثير الإسلام فيه كدين، أو أن نعتبر ذلك اتجاهاً آخر في دراسته.

ولكن هذه الغرابة ترجع إلى غموض هذا المنهج الذي ندعو إليه ونحاول التعرّف إلى ملامحه وآثاره، ولذلك فإنها ستزول _ حتماًً _ عندما نوفق إلى رسم الصورة المضيئة لما نحاوله.
hussain1
hussain1
ثائر نشيط
ثائر نشيط

عدد الرسائل : 194
وسام : المنهج الإسلامي لدراسة التاريخ 1170107439
تاريخ التسجيل : 21/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المنهج الإسلامي لدراسة التاريخ Empty رد: المنهج الإسلامي لدراسة التاريخ

مُساهمة من طرف hussain1 الخميس أغسطس 07, 2008 7:14 am

صورة مشوَّشة

حتى الآن، لا نزال نقرأ التاريخ الإسلامي، في صورة حوادث معينة متعاقبة، تعيش في نطاق معين، هو الشعوب التي تدين بالإسلام. فنقرأ الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية، التي تسود تلك المجتمعات، كما نقرأ العلاقات والارتباطات، التي حدثت بينها وبين المجتمعات الأخرى، وطبيعة التفاعلات والتأثيرات التي نشأت من خلال هذه العلاقات والارتباطات.

كلُّ ذلك نقرأه _ في ما لدينا من كتابة التاريخ _ ونقرأ أشياء كثيرة غير ذلك. ولكن ما هي الصورة التي نخرج بها من كل ذلك؟

أحسب أن الجواب على هذا التساؤل، لن يكون إلا بمعرفة حياة أناس نرتبط معهم برباط الدين، تماماً كما يعرف الإنسان حياة أقربائه وعشيرته، ونعني بذلك أن هذه المعرفة التي نحصل عليها ترتبط بذوات هؤلاء الناس، وبما تحمله من رغبات ورواسب وتأثرات، ولذا فلن يغيّر إطلاق أية صفة عليهم طبيعةَ هذه المعرفة، لأن هذه الصفة لا تمثل _ في هذا المجال _ إلا مهمة الإشارة إلى هؤلاء الناس، من دون أن يكون لها أي أثر في حياتهم _ من خلال هذا التاريخ _ وإذاً، فلا فرق بين أن نطلق عليهم صفة المسلمين أو غيرها من الصفات، لأن الصفة غير دخيلة في حركة هذا التاريخ الذي نقرأه.

تلك هي الصورة التي نخرج بها من قراءتنا لما كتب من هذا التاريخ، صورة الناس الذين يدينون بالإسلام.

أما صورة الناس المسلمين الذين ترتبط حياتهم بالإسلام وتتأثر به، فهذا لا نلمحه في هذا التاريخ، ولذا فقد عادت المعرفة التاريخية لدى القارىء المسلم غير ذات أثر، إلا من خلال إثارة الزهو الذاتي، تثيره فيه قراءة هذا التاريخ وما فيه من أمجاد، نتيجة ارتباطه بأشخاص هذا التاريخ برابطة الدين، تماماً كما يحسّ الإنسان بالزّهو عندما يُعرض أمامه أمجاد آبائه وأجداده، ولا شيء آخر غير الزهو.

مهمة الباحث المسلم

أما ما نحاوله، فهو أن يرتبط هذا التاريخ بالإسلام. فقد عاد من الأمور المسلَّمة الواضحة أن الإسلام قد غيّر حياة الشعوب التي دانت به وانتسبت إليه، وحاول أن يطبعها بطابعه، ويربط حركتها وأفكارها وعلاقاتها العامة والخاصة بمفاهيمه العامة التي جاء بها لتنظيم الحياة.

ولكن ما هو الحدّ الذي وصل إليه هذا الجهد، وما هو مقدار نجاح هذه المحاولة التي حاولها الإسلام؟

إننا لا نستطيع _ بطبيعة الحال _ أن ندّعي استيعاب هذا التغيير لجميع نواحي الحياة، ولا يمكن القول إن تلك الشعوب مثّلت صورة صادقة عن الإسلام وتجسيداً حياً لمفاهيمه.

إننا لا نستطيع هذه الدعوى ولا هذا الزعم، لأننا واحدون في هذا التاريخ ما يضع أيدينا على كثير من الانحرافات عن مفاهيم الإسلام وخطوطه العامة، وهنا تبدأ مهمة البحث، وتتجلّى طبيعة المنهج الذي نحاوله في دراستنا لهذا التاريخ.

فقد وضح لنا من خلال العرض الموجز الذي قدمناه، أن هناك حقيقتين عاشهما هذا التاريخ، من خلال دخول الإسلام في حياة الشعوب.

الأولى: أن الإسلام قد أحدث تغيراً كبيراً في لون الحياة ومفاهيمها لدى الشعوب التي دخلها.

الثانية: أن هذا التغيير لم يكن كلياً بالقدر الذي يجنّب تلك الشعوب الانحراف عن مبادىء الإسلام وتعاليمه، ويجعل من حياتها تجسيداً حياً للإسلام.

وهنا تبدأ مهمة البحث الذي نحاوله. فنبدأ بدراسة نوعية هذا التغيير الذي حدث، ونوعية الظروف التي هيأت له، وطبيعة الأساليب التي استخدمت في سبيل الوصول إليه.

ثم نحاول التعرّف على تلك الانحرافات التي حدثت، والأخطاء التي ارتكبت، ودوافعها ونتائجها، ثم نسير في التاريخ في حوادثه وحركاته، فنلاحظ مدى علاقاتها وارتباطها بالمفاهيم الإسلامية، وعلاقة تلك المفاهيم بها، وكيف تمثّلت الناحية التطبيقية للإسلام في هذا التاريخ، ومدى التأثير الذي أحدثه هذا الاختلاف أو الانسجام في تمثلها الحياتي لدى الناس، لنصل بعد ذلك إلى معرفة النكسات التي تعرض لها التاريخ وعلاقاتها بالإسلام ومفاهيمه، من حيث بعدها عنه وقربها إليه وعياً وتجربةً. وبكلمة موجزة، أن نحاول دراسة التاريخ الإسلامي من حيث هو تجربة عملية للإسلام، وامتحان لقدرة مفاهيمه وتعاليمه، على أن تعيش في حياة الناس وتؤثر فيهم، وملاحظة عوامل الضعف في هذه التجربة من حيث نشوئها داخل هذه المفاهيم _ كما يدَّعي الأعداء _ أو عن الظروف التي أحاطت بالتجربة الزمنية ومنها الاجتماعية، أو عن الوعي القلق لواقع هذه المفاهيم وحقيقتها الأصيلة.

تلك هي الصورة الاجتماعية لما نريده من هذا الاتجاه الذي نعتقد أنه سيساعدنا إلى حد بعيد على وعي موقف الدين من هذه المرحلة، بمقارنته مع المراحل السابقة، التي قد نجد فيها الكثير من التجارب التي تعيننا على فهم هذه المرحلة.

وإلى جانب ذلك، فإنَّ هذا المنهج، يجعلنا نحسّ _ بعمق _ أننا جزء من تاريخ هذا الدين، لأن حياتنا ستكون جزءاً من الحياة الواسعة التي عاشت التجربة العملية للدين.

تجنّب الانحرافات والأخطاء

ونحب أن نشير _ ونحن في سبيل التعرّف على ملامح هذا المنهج _ إلى قضية قد تتبادر إلى ذهن الكثيرين عند قراءة هذا اللون من الكلام، وهي أننا نحاول تعمُّد إغفال الدور الذي قامت به الأمة _ التي نشأ هذا التاريخ على يديها _ في صنع هذا التاريخ وبنائه، وتجاهل القوى والإمكانات الذاتية التي لدى هذه الأمة في عملية البناء والإبداع.

نحب أن نشير إلى خطأ هؤلاء في ما يزعمون وفي ما يفهمون، فلسنا في محاولة إلقاء نظرة انفعالية حماسية تتأثر بالعواطف والنوازع الذاتية، وإنما نحن في محاولة بحث ومنهج يعتمد على الموضوعية وعلى التجرد.

إن هذا المنهج الذي نحاوله يهدف إلى أن يجعل من وصف التاريخ بالإسلامي وصفاً حقيقياً، لا مجرد إشارة لمرحلة من مراحل الأمة العربية _ كما يحاول بعض الباحثين _ ولا يمنعنا في الوقت ذاته من استكشاف طبيعة الدور الذي قامت به هذه الأمة في التاريخ، والحكم عليه من خلال قربه للمفاهيم الإسلامية وبعده عنها.

وبكلمة موجزة، إن محاولتنا هذه، تستهدف إثارة وعي القارىء للتاريخ _ وهو يقرأ _ بحركة الدين في هذا التاريخ، بحركة مفاهيمه، بحيوية روحه، وبأصالة حلوله.

ومن الطبيعي لهذا الوعي أن يلتقي بالأمة التي كانت أول مجال عملي لاختبار قدرة الدين على التأثير، وأول راشد عاش هذا الدين في أفقه، وانطلق يتحدث إلى العالم بلغته.

ذلك هو هدفنا من هذه المحاولة، وذلك هو غرضنا منها، فلسنا نريد اختراع تاريخ جديد، وإنما نحاول فهم هذا التاريخ من حيث هو تجربة عملية للدين، وبالتالي حفظ هذا التاريخ من الفهم المزوَّر، والمنهج الخاطىء الذي وقع فيه الكثيرون من القارئين والدارسين له، والابتعاد به عن طبيعة السرد الحرفي، إلى الطريقة التي تجعل منه معنى يتحرك في داخل حياتك ليحرك الحياة من حولنا.

علينا أن نحاول ذلك ونبدأ الدرب بسرعة وحذر، لنجنب جيلنا الإسلامي الطالع الانحرافات التاريخية، وأخطاء المناهج المتعدّدة التي تدرس هذا التاريخ.

الفهم الخاطىء

وما دمنا في مجال البحث عن الاتجاه الديني في دراسة التاريخ ومحاولة تركيزه على أسس متينة ثابتةٍ، فقد نجد أن من الخير لنا، أن نعرض لبعض الأخطاء الني وقع فيها بعض الكتّاب المعاصرين في تفسيرهم للطريقة التي يعلّل بها الاتجاه الديني حوادث التاريخ.

يتحدّث الأستاذ قسطنطين زريق في كتابه: «نحن والتاريخ» ص 29 _ 30، عن المميزات التي تميّز التيار التقليدي _ في ما يعبِّر _ فيعتبر أن إحدى هذه الميزات هي: أن تعليل نشوء الأحداث وتطورها هو، بحسب هذه النظرة، تعليل إلهي، فدوافع التاريخ ليست، أو على الأقل ليس أهمها وأبلغها فعلاً، في يد الإنسان، بل تحكمها المشيئة الإلهية والقوانين السماوية. وحياة السعادة الدائمة أو الشقاء الدائم في العالم الآخر. فمن العبث إذاً أن نحاول تعليل الأحداث الإنسانية بإعادتها إلى الجنس أو المحيط أو أي عامل من العوامل الطبيعية أو البشرية الأخرى. إن محور التاريخ ليس في هذا العالم، بل في العالم الأعلى.

ثم يتحدّث في صفحة (31) عن المنطلق الذي انطلق منه في وصفه لهذا الاتجاه: ويلاحظ القارىء أننا في وصفنا لهذا المجرى التقليدي، لم نجد غنىً عن توجيه النظر رأساً إلى المفاهيم الدينية الإسلامية والمسيحية. فهذه المفاهيم هي، عند الذين لا يزالون ضمن هذا المجرى، الدليل الأمين إلى حقائق الحياة الأساسية، وإلى معنى الأحداث المتعاقبة في الزمن، وإلى العلة الفاعلة في هذه الأحداث.

وهكذا نجد أن هذا الوصف _ في زعمه _ يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمفاهيم الإسلامية، لأنه ينبع منها ويتأثر بها. وهنا تصبح الدراسة التاريخية لدى أصحاب هذا الاتجاه عبثاً لا طائل منه، وتكراراً مملاً لتفسير واحد، وتعليل مكرَّر لكلِّ حادثةٍ من الحوادث، أو حركةٍ من الحركات. فكلّها جارية على سنَّة القضاء والقدر ومشيئة الله وإرادته، ولا رادَّ لقضاء الله، ولا مبدّل لإرادته.. وهكذا تلتقي الحوادث التاريخية بهذا التعليل. وهكذا يتمثّل إغفال النظام الطبيعي الجاري في هذه الحياة، والسنّة الكونية الحياتية، وإبعاده عن تعليل حوادث الكون وتفسيرها.

تصحيح النظرة

إننا لا ننكر أنَّ هناك مفهوماً دينياً يسمى بالقضاء والقدر، ولا ننكر أيضاً أن العقيدة الدينية ترتكز على أساس تبعية الحياة، بجميع حوادثها وحركاتها، لمشيئة الله وإرادته.

نحن لا ننكر ذلك، ولا يسعنا مناقشته، كما لا يسعنا الوقوف عند هذا المفهوم في محاولة بحث وتحقيق، لأن بحثنا لا يسير في هذا الاتجاه، ولا يقف في هذا الموقف. فلسنا في معرض بحث تاريخي يحاول أن يرسم النظرة الدينية والتفسير الديني للتاريخ ومدى ارتباطها بالمفاهيم العامة للدين.

فمن المفيد _ إذاً _ أن نكشف عن حقيقة هذا الارتباط وواقع هذه العلاقة.

فما الذي يحاوله المفهوم الديني للحياة؟

هل يحاول تجاهل العلاقات الطبيعية بين الحوادث ومؤثراتها، وإنكار قانون السببية والعلية العامة، في اعتبار الحياة مرتبطة بالله، فلا صلة للأحداث الإنسانية بأيِّ عامل طبيعي من العوامل الطبيعية والبشرية، ولا علاقة لها بها، وإنما هي مرتبطة بإرادة الله مباشرة ومنطلقة منها، فهي السبب الأول والأخير لوجودها في الواقع الخارجي؟

هل يحاول المفهوم الديني ذلك، فنستطيع أن نربط _ على أساس ذلك _ بينه وبين النتيجة التي خرج بها الأستاذ زريق؟

يبدو لنا أن الجواب لن يكون إيجابياً على هذا التساؤل، كما نحسب أن هذا المفهوم الخاطىء الذي عرضناه له، ينطلق من جذور بعيدة تمتدّ من (الفلسفة المادية) التي اعتبرت مسألة الاعتقاد بالله نابعة من حاجة الإنسان إلى إيجاد سبب معقول للحوادث الطبيعية وظواهرها ومبرر يبرر وجودها، وبهذا اعتبرت إنكار الدين للتفسيرات الطبيعية التي تحاول ربط الأشياء بمؤثراتها الكونية أمراً مفروغاً منه، فالظواهر الكونية والأحداث البشرية، كلها تستند إلى إرادة الله ومشيئته، من دون أن يكون لها أي سبب مادي معقول.

وهكذا نشأت التهمة التي اتُهم بها الدين من وقوفه أمام العلم ومصادمته له، لأن العلم يربط بين كل حادثة وأسبابها الطبيعية، بينما لا يعترف الدين _ بحسب مفهومهم _ بهذه الأسباب، ولا بعلاقتها بالأحداث.

قلنا إن الجواب لن يكون إيجابياً على ذلك التساؤل، لأن المسألة الدينية لا ترتكز على الاستغناء عن الأسباب الطبيعية، ولا تنكر قانون العلّية العامة، وإنما ترتكز على اعتبار الله سبباً أعمق، تنتهي إليه سلسلة العلل والأسباب، فلا يعتبر المادة هي السبب الأخير، بل يعتقد أن هناك سبباً أعلى وأعمق منها هو الله، الذي أودع فيها خواصها وآثارها العامة.

وهكذا نرى أن هذا المفهوم لا يستند إلى افتراض تعلّق الإرادة الإلهية بالأشياء مباشرةً، فتغيّر وتبدّل ما شاءت تغييره أو أرادت تبديله من دون سبب خارجي، لنخلص منها إلى الفكرة الخاطئة التي خرج بها الماديون في تفسيرهم لفكرة الدين.

بل نستطيع أن نجزم بأن المفهوم الديني للحياة يؤكّد قانون العلية العامة الذي يربط بين كل حادث وسببه، وبين كل معلول وعلّته، فالحوادث والأحداث الحياتية _ بأجمعها _ خاضعة للنظام الكوني والسّنة الطبيعية التي أودعها الله في هذا الكون.

ويذهب بعض الباحثين الإسلاميين إلى أبعد من ذلك، فيعتبر أن قانون العلّية لم يتخلّف في أي حادثة من الحوادث الحياتية في ما نسميه بالمعجزات أو الخوارق للعادة التي جاء بها الأنبياء كدليل على صحة نبوّتهم ورسالتهم، فيحاول إرجاعها إلى أسباب طبيعية لم نطلّع عليها كما لم نطلع على تفسير الكثير من الحقائق الكونيّة والظواهر الطبيعية.

ولكي نعطي القارىء صورة جليّة عن الفهم الديني الذي عرضناه، نود أن ننقل حديثاً للعلامة السيد الطّباطبائي تحت عنوان: «تصديق القرآن لقانون العلّية العامة». فيقول:

«إن القرآن يثبت للحوادث الطبيعية أسباباً ويصدق قانون العلّية العامة، كما تثبته ضرورة العقل وعلية الأبحاث العلمية والأنظار الاستدلالية، إن الإنسان مفطور على أن يعتقد لكلِّ حادثٍ مادي علة موجبة من غير تردد وارتباك. وكذلك العلوم الطبيعية وسائر الأبحاث العلمية تعلّل الحوادث والأمور المربوطة بما تجده من أمور أخرى صالحة للتعليل، ولا نعني بالعلة إلاّ أن يكون هناك أمر واحد أو مجموعة أمور إذا تحقّقت في الطبيعة مثلاً تحقّق عندها أمر آخر نسميه المعلول بحكم التجارب، كدلالة التجربة على أنّه كلّما تحقّق احتراق لزم أن يتحقق هناك قبله علة موجبة من نار أو حركة أو اصطكاك أو نحو ذلك. ومن هناك كانت الكلية وعدم التخلّف من أحكام العلّية والمعلولية ولوازمها.

وتصديق هذا المعنى ظاهر من القرآن في ما جرى عليه وتكلّم فيه من موت وحياةٍ ورزقٍ وحوادث أخرى علوية وسماوية أو سفلية أرضية على أظهر وجه، وإن كان يسندها جميعاً إلى الله سبحانه لغرض التوحيد.

فالقرآن يحكم بصحَّة قانون العلّية العامة، بمعنى أن سبباً من الأسباب إذا تحقق مع ما يلزمه ويكتنف به من شرائط التأثير من غير مانع، لزمه وجود مسببه مترتباً عليه بإذن الله سبحانه، وإذا وجد المسبب كشف ذلك عن تحقيق سببه لا محالة»(1).

وهكذا نَجِدُ أنَّ بإمكاننا تعليل الحوادث التاريخية، بإعادتها إلى الجنس أو البيئة أو المحيط أو أي عامل من العوامل الطبيعية أو البشرية الأخرى، من دون أن يكون ذلك عبثاً _ كما يقول زريق _ نظراً إلى أن الحادثة التاريخية _ كبقية الحوادث الجارية في الحياة _ مرتبطة بجذورها البعيدة وبظروفها الزمنية وبمجتمعها الإنساني، وطبيعة تكوينه وطبيعة نظم الحياة التي يسير عليها، والعقائد التي يعتقنها والرّواسب التي ترّسبت في ذهنيته من ماضيه القريب والبعيد، من دون فرقٍ في ذلك بين كل الحوادث التاريخية، حتّى الحوادث التي رافقت نشوء الإسلام ونموه، فإنها لم تجر إلا على وفق السّنن العادية للكون، وبذلك اضطُهد واستُشهدِ من استُشهدِ، وأخفقت الدعوة في بعض مراحلها ونجحت في البعض الآخر، كل ذلك لأن الله أراد للحياة، التي خلقها وأودعها نظامه العظيم، أن تجري وفق هذا النظام ولا تتخلّف عنه في كلِّ مرحلةٍ من مراحلها وحادثةٍ من حوادثها.
hussain1
hussain1
ثائر نشيط
ثائر نشيط

عدد الرسائل : 194
وسام : المنهج الإسلامي لدراسة التاريخ 1170107439
تاريخ التسجيل : 21/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المنهج الإسلامي لدراسة التاريخ Empty رد: المنهج الإسلامي لدراسة التاريخ

مُساهمة من طرف المدير العام الجمعة أغسطس 08, 2008 1:44 am

اتمنى اعتماد هذا النهج في درراسة التاريخ
شكرا عمو
المدير العام
المدير العام
Admin
Admin

ذكر
عدد الرسائل : 807
العمر : 45
تاريخ التسجيل : 20/06/2008

https://revolutions.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى